اجتهاد إسلامي
تعريف الاجتهاد الاجتهاد في اللغة العربيه : عبارة عن بذل المجهود واستفراغ الوسع في تحقيق أمر من الأمور ولا يستعمل إلا فيما فيه كلفة ومشقة فيقال : اجتهد في حمل حصى الرحى ولا يقال : اجتهد في حمل خردله.
تعريفه عند علماء الأصول (أصول الفقه وعلماء الدين) من أهل السنة هو عملية استفراغ الوسع في درك الأحكام الشرعية العقلية والنقلية من مصادرها المقررة، كالقرآن والسنة والإجماع والقياس وغيرها. وبعبارة اخری، هو بذل الجهد لاستنباط واستخراج الأحكام الشرعية الفرعية من أدلتها التفصيلية.
المجتهد اسم الفاعل، مشتق من الاجتهاد، وهو من توافرت فيه القدرة على استنباط الأحكام الشرعية الفرعية العملية من أدلتها التفصيلية كما حددها علماء الدين.
وشروط المجتهد التي وضعها العلماء هي نفس شروط الاجتهاد، فلا يعد الإنسان مجتهدا إذا اقتصر عمله على حفظ الأحكام الشرعية أو تلقيها من الكتب، بل لابد من أن تتوافر فيه مجموعة من الشروط. وأما شروط مرجع التقليد هي:
• الأهلية، وقدرة استنباط الأحكام الشرعية، بأن تتوفر فیه الشروط اللازمة للاجتهاد
• الإسلام
• البلوغ
• العقل
• العدالة والتقوی
• أن يكون محيطاً بمدارك الشرع
المعرفة والعلم علی مستوی التخصص :
• بالقرءان الكريم
• بالسنة النبوية
• باللغة العربية
• بمعاقدالاجماع
• بأصول الفقه ومقاصد الشريعة
• بفهم المسائل المعروضة عليه، وغيرها مما شرحنا في شروط الاجتهاد.
• ان يعرف وجوه القياس وشرائطه المعتبره
المجتهد: (هو الفقيه الذي يستفرغ وسعه لتحصيل حكم شرعي)(41)، ولابد أن يكون له ملكة يقتدر بها على استخراج الأحكام الشرعية من مآخذها، وعلى هذا فإن من له دراية بالأحكام الشرعية، من غير أن يكون له قدرة على استنباطها من الأدلة، لا يسمى مجتهدًا(42)، وللمجتهد في الإسلام منزلة رفيعة، فهو قائم مقام النبي صلى الله عليه و سلم بوصفه وارثًا لعلم النبوة، ومبلغًا إياه إلى الناس، وبوصفه معلمًا ومرشدا للأمة، فقد جاء في الحديث قول الرسول صلى الله عليه و سلم: (إن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما ورَّثوا العلم)(43). ومنصب الاجتهاد من أسمى المناصب الدينية والدنيوية، لأن صاحبه يتكلم مبينًا حكم الله سبحانه وتعالى(44)، ولقد كان الصحابة والتابعون يفهمون نصوص الشرع، ويدركون مقاصده بحكم سليقتهم العربية، وتتلمذهم على مصدر الشـرع وهو النبــي صلى الله عليه و سلم، فلم يكونوا بحاجة إلى قواعد تضبط لهم فهم النصوص واستنباط الأحكام، ولكن بعد أن طرأ على الناس ما أفسد سليقتهم العربية، وبَعُد الناس عن إدراك مقاصد الشرع، كان لابد من وضع ضوابط للاستنباط، وشروط للاجتهاد(45)، وذلك تنظيمًا للاجتهاد، ومنعًا لمن يحاول أن يندس بين المجتهدين ممن ليس أهلاً للاجتهاد، فيتقوّل على الله بغير علم، ويفتي في دين الله بما ليس فيه(46).
وقد شدد بعض العلماء في شروط الاجتهاد وخفَّف آخرون، ورأى جماعة منهم الاعتدال، ومع ذلك فإن جميع ما ذكروه من شروط مرده إجمالاً إلى معرفة مصادر الشريعة ومقاصدها، وفهم أساليب اللغة العربية، وأن يكون المجتهد على درجة من الصلاح، تجعله يتحرى في اجتهاده، ويحرص على مطابقة شرع الله وتقديمه على هواه (47)، ومن هنا فقد ذكر العلماء شروطًا لقبول الاجتهاد، وشروطًا لصحة الاجتهاد، وانفرد بعض العلماء بذكر شروط لم يذكرها غيرهم.
شروط قبول الاجتهاد:
تتمثل في ثلاثة شروط يجب توفرها في من يتصدى للاجتهاد، وبدونها لا يقبل اجتهاده، وإن كان قادرًا على الفهم والاستنباط، وهذه الشروط الثلاثة هي: الإسلام، والتكليف، والعدالة، ونتناولها بالشرح على النحو الآتي:
أولاً: معرفة الكتاب:
القرآن الكريم أصل الشريعة، فيشترط في المجتهد أن يكون عارفًا بكتاب الله، وذلك بأن يكون له من العلم باللغة ما يعرف به معاني الآيات، وفهم مفرداتها ومركباتها وخواصها، فيستطيع بذلك أن يتدبر القرآن ويستنبط منه.. وأن يكون أيضًا عارفًا بالعلل والمعاني المؤثرة في الأحكام، وأوجه دلالة اللفظ على المعنى، من عبارة وإشارة، ودلالة واقتضاء، ومعرفة أقسام اللفظ من عام وخاص، ومطلق ومقيد، ومشترك ومجمل، ومفسر ومحكم ونحوها(56). وأن يكون عارفًا بأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ من الآيات، من حيث مواقعها ¬لا أن يجمعها ويحفظها فقد جمعت وحددت¬ وكذلك لا يشترط في المجتهد أن يكون حافظًا للقرآن الكريم، بل يكفي أن يكون عارفًا بآيات الأحكام من حيث دلالتها ومواقعها، حتى يرجع إليها في وقت الحاجة(57)، ومع ذلك يجدر بالمجتهد أن يكون على اطلاع عام على معاني القرآن كله، حتى يستقيم فهمه وأخذه للأحكام من القرآن(58).
ثانيًا: معرفة السنة:
السنة هي المصدر الثاني للشريعة، وهي الشارحة للقرآن، وقد تؤسس لأحكام جديدة، فيجب على المجتهد أن يعرف السنة على النحو الذي بيناه في معرفة القرآن، ولا يلزمه حفظ جميع الأحاديث، وإنما يكفيه أن يعرف أحاديث الأحكام بحيث يكون قادرًا على الرجوع إليها عند الاستنباط(59) وقد اختلف العلماء في المقدار الذي يكفي المجتهد معرفته من السنة، (فنقل عن ابن العربي أنها ثلاثة آلاف، ونقل عن أحمد أنه قال: الأصول التي يدور عليها العلم عن النبي صلى الله عليه و سلم، ينبغي أن تكون ألفًا ومائتين. وروى ابن القيم أن أصول الأحاديث التي تدور عليها الأحكام خمسمائة، مفصلة في نحو أربعة آلاف حديث)(60). وقال الشوكاني معلقًا على هذا: (والحق الذي لا شك فيه ولا شبهة، أن المجتهد لابد أن يكون عالمًا بما اشتملت عليه المسانيد والمستخرجات، والكتب التي التزم مصنفوها الصحة... وأن يكون له تمييز بين الصحيح منها والحسن والضعيف، ولو بالبحث في كتب الجرح والتعديل، وكتب العلل، ومجاميع السنة التي صنفها أهل الفن كالأمهات الستة، وما يلحق بها(61).